الثلاثاء، 20 يناير 2015

هل كان هيرودس مجرم يريد قتل الأطفال؟!


لنقرأ ما جاء في العهد الجديد: 

وَبَعْدَمَا وُلِدَ يَسُوعُ فِي بَيْتِ لَحْمٍ الْوَاقِعَةِ فِي مِنْطَقَةِ الْيَهُودِيَّةِ عَلَى عَهْدِ الْمَلِكِ هِيرُودُسَ، جَاءَ إِلَى أُورُشَلِيمَ بَعْضُ الْمَجُوسِ الْقَادِمِينَ مِنَ الشَّرْقِ، 2يَسْأَلُونَ: 
«أَيْنَ هُوَ الْمَوْلُودُ مَلِكُ الْيَهُودِ؟ فَقَدْ رَأَيْنَا نَجْمَهُ طَالِعاً فِي الشَّرْقِ، فَجِئْنَا لِنَسْجُدَ لَهُ». 3وَلَمَّا سَمِعَ الْمَلِكُ هِيرُودُسُ بِذلِكَ، اضْطَرَبَ وَاضْطَرَبَتْ مَعَهُ أُورُشَلِيمُ كُلُّهَا. 4فَجَمَعَ إِلَيْهِ رُؤَسَاءَ كَهَنَةِ الْيَهُودِ وَكَتَبَتَهُمْ جَمِيعاً، وَاسْتَفْسَرَ مِنْهُمْ أَيْنَ يُوْلَدُ الْمَسِيحُ. 5فَأَجَابُوهُ: «فِي بَيْتِ لَحْمٍ بِالْيَهُودِيَّةِ، فَقَدْ جَاءَ فِي الْكِتَابِ عَلَى لِسَانِ النَّبِيِّ: 6وَأَنْتِ يَابَيْتَ لَحْمٍ بِأَرْضِ يَهُوذَا، لَسْتِ صَغِيرَةَ الشَّأْنِ أَبَداً بَيْنَ حُكَّامِ يَهُوذَا، لأَنَّهُ مِنْكِ يَطْلُعُ الْحَاكِمُ الَّذِي يَرْعَى شَعْبِي إِسْرَائِيلَ! »

7فَاسْتَدْعَى هِيرُودُسُ الْمَجُوسَ سِرّاً، وَتَحَقَّقَ مِنْهُمْ زَمَنَ ظُهُورِ النَّجْمِ. 8ثُمَّ أَرْسَلَهُمْ إِلَى بَيْتِ لَحْمٍ، وَقَالَ: «اذْهَبُوا وَابْحَثُوا جَيِّداً عَنِ الصَّبِيِّ. وَعِنْدَمَا تَجِدُونَهُ أَخْبِرُونِي، لأَذْهَبَ أَنَا أَيْضاً وَأَسْجُدَ لَهُ». 9فَلَمَّا سَمِعُوا مَا قَالَهُ الْمَلِكُ، مَضَوْا فِي سَبِيلِهِمْ. وَإِذَا النَّجْمُ، الَّذِي سَبَقَ أَنْ رَأَوْهُ فِي الشَّرْقِ، يَتَقَدَّمُهُمْ حَتَّى جَاءَ وَتَوَقَّفَ فَوْقَ الْمَكَانِ الَّذِي كَانَ الصَّبِيُّ فِيهِ. 10فَلَمَّا رَأَوْا النَّجْمَ فَرِحُوا فَرَحاً عَظِيماً جِدّاً؛ 11وَدَخَلُوا الْبَيْتَ فَوَجَدُوا الصَّبِيَّ مَعَ أُمِّهِ مَرْيَمَ. فَجَثَوْا وَسَجَدُوا لَهُ، ثُمَّ فَتَحُوا كُنُوزَهُمْ وَقَدَّمُوا لَهُ هَدَايَا، ذَهَباً وَبَخُوراً وَمُرّاً. 12ثُمَّ أُوْحِيَ إِلَيْهِمْ فِي حُلْمٍ أَلاَّ يَرْجِعُوا إِلَى هِيرُودُسَ، فَانْصَرَفُوا إِلَى بِلادِهِمْ فِي طَرِيقٍ أُخْرَى.



الهرب إِلى مصر

13وَبَعْدَمَا انْصَرَفَ الْمَجُوسُ، إِذَا مَلاَكٌ مِنَ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ لِيُوسُفَ فِي حُلْمٍ، وَقَالَ لَهُ: «قُمْ وَاهْرُبْ بِالصَّبِيِّ وَأُمِّهِ إِلَى مِصْرَ، وَابْقَ فِيهَا إِلَى أَنْ آمُرَكَ بِالرُّجُوعِ، فَإِنَّ هِيرُودُسَ سَيَبْحَثُ عَنِ الصَّبِيِّ لِيَقْتُلَهُ». 14فَقَامَ يُوسُفُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ، وَهَرَبَ بِالصَّبِيِّ وَأُمِّهِ مُنْطَلِقاً إِلَى مِصْرَ ، 15وَبَقِيَ فِيهَا إِلَى أَنْ مَاتَ هِيرُودُسُ، لِيَتِمَّ مَا قَالَهُ الرَّبُّ بِلِسَانِ النَّبِيِّ الْقَائِلِ: «مِنْ مِصْرَ دَعَوْتُ ابْنِي».
16وَعِنْدَمَا أَدْرَكَ هِيرُودُسُ أَنَّ الْمَجُوسَ سَخِرُوا مِنْهُ، اسْتَوْلَى عَلَيْهِ الْغَضَبُ الشَّدِيدُ، فَأَرْسَلَ وَقَتَلَ جَمِيعَ الصِّبْيَانِ فِي بَيْتِ لَحْمٍ وَجُوَارِهَا، مِنِ ابْنِ سَنَتَيْنِ فَمَا دُونَ، بِحَسَبِ زَمَنِ ظُهُورِ النَّجْمِ كَمَا تَحَقَّقَهُ مِنَ الْمَجُوسِ. 17عِنْدَئِذٍ تَمَّ مَا قِيلَ بِلِسَانِ النَّبِيِّ إِرْمِيَا الْقَائِلِ: 18«صُرَاخٌ سُمِعَ مِنَ الرَّامَةِ: بُكَاءٌ وَنَحِيبٌ شَدِيدٌ! رَاحِيلُ تَبْكِي عَلَى أَوْلاَدِهَا، وَتَأْبَى أَنْ تَتَعَزَّى، لأَنَّهُمْ قَدْ رَحَلُوا! »



الإقتباس السابق هو من العهد الجديد من إنجيل متى.



الحكاية بإختصار شديد: أن المنجمون قالوا ل هيرودس أن مولودا جديدا سيكون ملك اليهود الجديد. أرعب هذا الخبر هيرودس و أمر بأن يخبره المنجمون (أي المجوس) عن هذا الصبي لأنه يريد أن يقدم له فروض الطاعة بينما في الحقيقة كان يريد قتله. جاء الملاك في الحلم و طلب من المجوس عدم إخبار هيرودس بمكان الوليد الجديد (المسيح) و بناءا على غضبه أمر هيرودس بقتل كل أطفال بيت لحم و جوارها الذين لم يبلغوا العامين من عمرهم. في تلك الأثناء أوحى الرب إلى يوسف بأن يهرب مع مريم و الطفل إلى مصر. و بذلك تم إنقاذ الطفل الإلهي.

هذه هي الحكاية التي رواها متى فقط و لم يذكرها أي شخص آخر غيره سواء كتبة الأناجيل الخرى أو كتاب التاريخ من ذلك الزمان. حتى فلافيوس يوسفوس الذي كتب تاريخ الشعب اليهودي بعد حوالي 100 عام من هذه الحادثة لم يذكر حكاية قتل جميع أطفال (من دون العامين) بيت لحم و جوارها و ذلك بالرغم من أن يوسفوس قد شتم هيرودس و نعته بأسوأ النعوت إلا أنه لم يذكر حكاية قتل الأطفال.



بالإضافة إلى ذلك: عند ولادة المسيح كان هيرودوس قد بلغ السبعين من العمر. لنتساءل مالذي سيخيفه في هذا العمر من رضيع؟؟؟؟ فارق العمر بينهما لن يسمح للمسيح بأن يستلم السلطة من هيرودس. بالإضافة إلى ذلك لم يكن هيرودس ملكا حاكما بالحياة و الموت إنما كان تابعا (اي موظفا) للقيصر أوغستوس أي أن هيرودس لم يكن يستطيع إقامة مذبحة دموية بهذه الضخامة بدون موافقة القيصر أوغستوس. من الجدير بالذكر أن المصادر و الوثائق الرومانية تتحدث عن أن القيصر أوغستوس نفسه عزل ، بعد موت هيرودس بعشر سنوات، الوالي الذي خلف هيرودس في الحكم بسبب قضايا أصغر من مذبحة دموية لجميع أطفال بيت لحم و جواريها.



أي أن هذه الحكاية (محاولة قتل و من ثم إنقاذ المسيح الطفل) هي حكاية كغيرها من الحكايات الشبيهة التي يتم إختلاقها من أجل رفع قيمة و شهرة شخص ما. 

هذا النوع من الحكايات و الأساطير نجدها في التاريخ القديم بكثرة:
موسى: الذي حمته أمه من القتل بأن وضعته في سلة و رمته في النهر .... و من ثم إلتقطته إبنة فرعون مصر.
كذلك صارغون الأكادي .....



كل تلك الحكايات و الأساطير هي عبارة عن حكايات أدبية من أجل رفع قيمة و مكانة الشخص الذي يتم الحديث عنه بالمبالغة الأدبية عن الأخطار التي عاشها و التي تغلب عليها و من ثم أصبح ذلك الشخص "العظيم" ......

هنا نستطيع أيضا سرد حكاية محمد بن عبد الله الذي كان يتيما و فقيرا ووووو ... ألخ حسب التاريخ الإسلامي و من ثم إستطاع بناء هذا الدين و هذه الدولة .....
أعتقد أن التشابه واضح جدا في جميع هذه الحكايات و الأساطير الملفقة التي تحتوي على القليل من الصدق و الكثير من المبالغة الأدبية. 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق